الاثنين، 18 نوفمبر 2013

الفصل السادس أبحاث أثرية والخاتمة والمراجع

الفصل السادس

أبحاث أثرية

 "علم آثار الكتاب المقدس"*٢٠٦ هو أحد العلوم الحديثة التى إستفادت من التقدم التقنى الهائل فى البحث عن الآثار وكيفية التعامل معها وتحديد عمرها الزمنى والوقوف على تحقيق المخطوطـــــات بمختلف أنواعها سواء كانت مكتوبة على الفخار أو ورق البردى أو الخشب أو منحوتة على الصخور أو محفورة على الجدران ، ولقد توصل علم الآثار إلى نتائج مذهلة فبالإضافة لأجـــــــهزة قياس العمر الزمنى من خلال إستخدام الكاربون ١٤ وأجهزة الموجات الصوتية الكاشفة لوجـــــود دهاليز أو حجرات أو فراغات فى باطن الأرض أو داخل الجبال ، وبالإضافة للمواد الكيميائية الـــتى تساعد فى عمليات الترميم بل وتنظيف الأثر ، بالإضافة لمعرفة أنواع الأحبار المستعملة فى الكتابة والعصور والحضارات التى كانت تستعمل كل نوع منها على حدة ، كذلك معرفة نوع أوراق الكتابة أو نوع الأخشاب أو الطينة الأصلية لكل نوع من الفخار وأنواع الأحجار المستخدمة للحفر عليها ، ومن خلال معرفة تركيبها النوعى يمكن التعرف على الأماكن التى تنتمى لها ، والشعوب القديــــمة التى كانت تستخدم أى نوع من أنواع هذه المواد ، فإنهم قد توصلوا كذلك لتمييز نوع الخطوط التى كان القدماء  يسجلون بها مخطوطاتهم ، وشكل الحروف والتى تدل على  الزمان الذى كتبت فـيه هذه المخطوطات .
ووضعوا قواعد علمية من خلال الدراسة والبحث لتحقيق المخطوطات والحكم على مصـــــداقيتها ، فإنه على سبيل المثال لا الحصر ، يمكن لكاتب فى العصر الأحدث كتابة مخطوط بخط ينتمى لعــصر أقدم ، أو يستخدم مواد مثل المواد التى كان يستخدمها الناسخ حينذاك ولكن ليس ممكنآ أن يحدث العكس ،  فنفترض أن يتكهن ناسخ قديم بالخط الأحدث ويستخدم المواد التى لا تزال فى حُـكم الغيب ، وهناك الكثير من القواعد لتحقيق الأثر مثل هذه .
 ونحن لسنا بصدد دراسة هذا العلم ولكن هذا العلم ساعدنا فى الرد على إفتراضات النقاد فبينما هم يفترضون فروضآ يسمونها بأسماء لامعة - من قبيل فروض علمية ، أو منهجية ، أو منطقية ..إلى آخر هذه الألقاب - إلا أنها تبقى وتظل فروضآ أو إفتراضات لا ترقى لدرجة أن تمثل لنا حقيـــــــــقة علمية بعينها لأنها لا تستند إلى أدلة مادية .
 فقد سبق أن إفترض البعض عن التوراة أنها كانت موروثة كتعليم شفاهى ولم تكتب إلا بعد السـبى إستنادآ إلى فرضية عدم وجود لغة عبرانية مكتوبة قبل السبى ، وكان دليله هو تلك الحــــــــــروف الكلدانية التى تكتب بها العبرانية والتى تستخدم فى كتابة التوراة وكافة كتب العهد القــــديم ولا زال التعامل بها ساريآ فى العصر الحديث .
لكن كان لعلم الآثار الكتابية كلمة أخرى تستند على أدلة مادية من خلال إكتشاف الكـتابات العبرانية 
بالخطوط العبرانية السابقة فى العهد على إستخدام الحروف الأبجدية الكلدانية ، بل وتعرفـــــنا على مراحل تطور وتغير خطوط الكتابة بهذه اللغة .
والواقع فإنه كل من يطالع كتاب *٢٠٧ مستر كينون "كتابنا المقدس والمخطوطات القديـمة"، يخال له أنه لا توجد شاردة ولا واردة أتى بها الكناب المقدس بعهديه إلا و كانلها شهادة كامنـــــــــة فى أعماق الأرض أو فى المغائر والكهوف التى تنتشر هنا أو هناك فوق الأراضى المقدسة .
 ذلك مع أن كتاب مستر كينون السالف الذكر تمت طباعته عام١٩٥٨م فلم تُسَجل فيه الأبحاث الحديثة الأخرى التى كان لها الشأن فى إثبات كلمة الوحى. عكس ما ذهب إليه الحالمون أو المُفتَرِضوِن من  أمثال " ولهاوزن " ومن سبقه أو لحقه .
فها هو "هارى توماس فرانك"*٢٠٨ فى كتابه باللغة الأنجليزية "المصاحب الأثرى للكــــــــــــتاب المقدس" صفحة ٢٦ حتى صفحة ٢٩ من هذا الكتاب المطبوع عام١٩٧٢م يكتب ما يلى :- 
منذ حوالى أربعين عامآ - يقصد فى بداية الثلاثينات من القرن العشرين - مضت كان هناك رجـــلان إنجليزيان قدما للعالم أعجب إكتشاف حقيقى وهما"هوارد كـــــارتر"*٢٠٩ و"لورد كارنارﭭـون " * ٢١٠  وكان هذا الإكتشاف هو"مقبرة توت عنخ آمون" الذى توفى عام ١٣٤٤قبل الميلاد . ولكن خلال سبع سنوات بعد هذا الإكتشاف توفيا فى ظروف غامضة ظنوها "لعنة الفراعنة". 
ولكن الأبحاث لم تتوقف فلقد لحقهم إنجليزى آخر وهو*٢١١ ليونارد ووللى وكان حقل أبحاثــه عند أور قرب "بغداد" وهو الذى وجد إشارات وبراهين أكيدة تؤيد قصة الطوفان وفلك نوح المذكــــور فى التوراة قى سقر التكوين ٦ : ٥ - ٩ : ١٧ .
لكن الأبحاث إستمرت بعد الحرب العالمية الأولى فقد كانت الحرب قد أعاقتها عن الإســــتمرار ففى حوالى عام ١٩٤٠من الميلاد تم إكتشاف بعض المخطوطات فى كهف جنوب غرب البــــــــحر الميت ، وكانت هذه المخطوطات جزء من مكتبة تخص إحدى الطوائف اليهودية التى كانت موجودة وتعيش قديمآ فى وادى قمران وصار مكانها الآن أطلالآ مجردة .
أما عن تاريخ هذه المخطوطات عمرها منذ حوالى القرن الثالث قبل الميلاد وقد سُمـىَ هذا الإكتشاف فيما بعد بإسم"مخطوطات البحر الميت".
وكل من يقرأ  كتاب *٢١٢ ألبرايت "التاريخ والآثار والإنسانيات المسيحية"يجد عددآ من الأبــحاث الأثرية الهامة بشأن العادات والتقاليد المتبعة فى العالم القديم ما  يطابق تمامآ الصورة المُــعطَاة لنا فى التوراة" وعلى حد تعبيره "فإن الإكتشافات الأثرية تشبه المرآة التى تنعكس فيها أشعـــة الحق الإلهى المدون فى التوراة فها نحن نجد لكل حادثة صدى أثرى" .
وقد كانوا إلى عهد قريب يظنون أن اللغة العبرانية حديثة العهد ، تلك التى تم تدوين العهد القــــديم بها ، لذلك أرجع البعض بناء على هذه الفكرة تاريخ كتابة العهد القديم لسنوات متأخرة لا ترتــــبط بتاريخ موسى كاتب التوراة تلك الفكرة التى تبناها أغلب النقاد .
 لكن الأبحاث وجدت أن اللغة العبرانية هى من أقدم اللغات وأوسعها انتشارآ واستخدامآ فى العالم القديم فقد كانت موجودة .
فلقد استخدمت حتى جنوب الوادى الأخضر فى مصر وحتى فى صحرائها ، كما شهدت ميلاد النــيل وشهدت لها الأسر الحاكمة التى توالت على عرش مصر ومنها الأسر التى بنت الأهرامات .
     ولدينا فى هذا الشأن مخطوطات بالعبرانية تعود إلى عصر الهكســــوس حوالى عام ١٧٠٠قبل الميلاد ، وللمزيد من الأطلاع هناك العديد من الكتب الأثرية مثل كتاب "جريسمان"*٢١٣ الذى ذكر فيه شيئآ من هذه الكتب المكتشفة فى الوجه المُرَقَّم سى سى إل أى إكس*٢١٤ (أى)٢٥٩ من كتابه "صور من العهد القديم "  *٢١٥  وقد كان أصل العبرانية أى اللغة الآكادية معروفآ منذ القــرن الخامس عشر قبل الميلاد بوصفها اللغة الدبلوماسية لمصر فى ذلك الحين وتشهد لذلك خطابـات تل العمارنه.
فلم يكن الوحى شفاهيآ كما زعم النقاد بسبب عدم وجود لغة للكتابة فى ذلك الحين كما ظـنوا ، بل لقد صيغت العبرانية وعرفها حكام مصر منذ القرن العشرين قبل ميلاد المسيح ، بل أيضآ تم العـثور على كتابات عبرانية يرجع تاريخها للقرن الأربعين قبل ميلاد المسيح ، لكن هذا التاريخ الأبــــعد لم تكن اللغة قد تطورت فيه إلى حد الكتابة لكتب متطورة مثل سائر الكتب المصرية والآشورية آنذاك ، لكن يمكننا القول بأن الكتابة بمعناها الأدبى الدقيق باللغة العبرانية كانت معروفة حوالى عام ٢٠٠٠قبل الميلاد ، وهذ التاريخ سابق على عصر "موسى" ببضعة قرون .
وللمزيد نقرأ كتاب "مارتن"*٢١٦ "مخطوطات البحر الميت لإشعياء"عام ١٩٥٤م الصـفحة ١٨ إن الإكتشافات التى تثبت تاريخ العبرانية وصدق حوادث التوراة وإتساقها مع الواقع كثيرة ، ولــعل منها "نصوص *٢١٧  نوزى  ونصوص مارى" .
 لكن الكشف الفذ الذى فيه نصوص صريحة من التوراة هو إكتشاف: "مخطوطات البحر المــيت"  وها نحن نقدم ملخصآ للصورة التى نُشرت فى "مجلة الأثرى الكتابى"*٢١٨فى عدد مايو ١٩٤٨م فى مقال عنوانه" إكتشاف ظاهرة طبيعية"*٢١٩ وقد كان البحث عن بداية عهد الإكتشـاف ثم تبعه
بمقالات أخرى لمتابعة البحث ، لقد بدأ
الإكتشاف عندما تعرف الباحثون فى المدرسة الأمريــــــكية للدراسات الشرقية بأوروشليم على أربع مخطوطات تم إعطائها لهم من دير السريان المسمى "دير القديس مرقس" فى أوروشليم ، وكانت هذه المخطوطات عبارة عن كتاب لسفر أشــــــــــــعياء كله وتفسير لسفر حبقوق وبعض الكتابات السرية (التى كانت تخص جماعات انتشرت قبل مـيلاد المسيح فى الصحراء حيث تمارس طقوسآ للعبادة مبتكرة ومأخوذة من الأمم الأخرى) .
أما المخطوط الرابع فقد كان مصنوعآ من الجلد وكان يخشى أن يفسد بفتحه ، وكانت عليه ثــــلاثة حروف كرموز لكلمات وهى "أ ش ر אשר" فأرسل "ميللر بوروز"*٢٢٠خطابآ بتاريخ ٧ مـارس١٩٤٨م إلى مدير المدرسة بأوروشليم راجيآ منه أن يعطيه فرصة للبحث ، وبعد شهر كــــامل أى فى أبريل ١٩٤٨م تعرف على تاريخ الكتابة لمخطوط إشعياء وقال أنه على الأقل القرن الأول قـــبل الميلاد ، وإنتشرت الأخبار المذهلة فجذبت أنظار العلماء للمنطقة فشهدت أرض فلسطين العـديد من رحلات المستكشفين الذين جمعوا العديد من المخطوطات التى سُميَت فيما بعد بإسم "مخطوطـــات البحر الميت" وهى عبارة عن مواد مختلفة من الكتاب المقدس تصل أعمارها إلى الألف ســـــــــنة الأولى قبل الميلاد.
ثم أعلن "سوكينيك" *٢٢١من علماء الجامعة العبرية فى أبريل عن إكتشاف عظيم قام به ، وبـــعد عامين من هذه الإكتشافات إزدادت عدد الكتب والمقالات  التى تناولت مخطوطات البحر المـــــــيت لكنه حدث فى أحد أيام الشتاء لعام ١٩٤٦- ١٩٤٧م أن كان ثلاثة من البدو من قبيلة "طعميرة *٢٢٢" والتى كانت تسكن فى برارى البحر الميت بالقرب من بيت لحم ، كانـــوا يجُزّون الصوف من أغنامهم فى موقع يبعد عن مدينة الملح القديمة جنوب غربها بمسافة نصف ميل ، تلك القرية التى سميت حديثآ بإسم "خِربة قُمران".
 وكان العلماء يحفرون هناك منذ منتصف القرن الماضى وعرف العلماء المكان بوصـفه قلعة رومانية قديمة أُقيمت مكان بلدة ذُكرت فى العهد القديم وهى "عمورة" .
 ولو كان البدو يعرفون هذه القصة  لكان الموقف مختلفآ معهم  لأن المكان بهذه الصورة يكون محفوفآ بالأخطار على أغنامهم وذلك لكثرة السراديب التى تكون عادة موجودة فى هذه الأماكن.
ولاحظ أحدهم وهو يقود قطيعه واسمه "جمعة محمد" وجود حفرتين فى مكان عالى لا يمكن أن يكونا كهفين ، وبدافع حب الأستطلاع صوب عددآ من الحجارة لأقرب تلك الفتحات فســـــمع صوت ارتطام أحد الأحجار كما لو كان كصوت إنكسار إناء فخارى ، فلم يكن الصوت هو صـــــوت إرتطام حجر بأحجار أو رمال ، وقد تدرب كبدوى على تمييز مثل تلك الأصوات.
لكنه لم يستطع أن يواصل البحث حيث قد حلّ الظلام فأجَّل البحث للغد فى الصباح الباكر فقـد ظن أن هناك أوانى بها ذهب أى كنز ، فما الذى يمكن أن تحتويه أوانى فخارية فى مكان مهجور مثل هذا ؟
وأتى فى الصباح برفقة أثنين من رفقائه هما "خليل موسى" و "أحمد الحامد" وقد أسـفرت  مجموع إكتشافات هذه المجموعة عن إيجاد العهد القديم كله عدا سفر أستير  ،غير كتاب لتفســـير سفر التكوين  ،وتفسيرآ لسفر حبقوق  ،وكتابآ آخر يحتوى على صلوات الشكر والطقوس الخـاصة بهذه الطائفة .
لقد كُتِبَت الآف المجلدات الضخمة فى تحقيق التراث العالمى الذى ثبت من خلال آثار ماديـــة تنتشر فى مختلف المتاحف والمكتبات الوثائقية لتحقيق المستندات التى تعبر عن جزء من التــــــــوراة أو التوراة كلها أو أحد أسفار التوراة ولا تزال الطائفة السامرية تحتفظ بنسخة من التوراة المـــــكتوبة فى عصر موسى بالعبرانية القديمة .
ومن بين المخطوطات والآثار ما لا يكون بشكل مباشر عبارة عن نص من نصوص التوراة ، ولكن
آثار تتحدث عن أحداث تاريخية معينة مدونة فيها حدوث تلك الأحداث فى ذلك العصر التى  تـمت كتابة المخطوطة فيه ويثبت الأثر من خلال تسجيله لتلك الأحداث أنها بالفعل حدثت فى الزمان الذى تعبر عنه التوراة .
فمن عادات الزواج لدى سكان بلاد ما بين النهرين التى تفصح عنها مخطوطات "نـوزى ومــارى" فى العصر المواكب لإبراهيم واسحق ويعقوب الذين تزوجوا تبعآ لتلك الأعراف وتسجل التــوراة ما أثبتته الآثار بهذا الشأن.
كذلك  تسجيل أو ذكر مختلف الحروب التى  قامت بين الأمم المذكورة فى التوراة إلى جـانب الآثار الحية لمنشآت أثرية كانت قائمة وتحدث عنها الكتاب أو دل على وجودها مثل هيكل مــــــلكى صادق الذى عاش فى أيام إبراهيم .
ويكاد المتخصص فى هذا العلم يجد فهرسآ يدله على الحدث الأثرى الذى يشير لكل نــــــص كتابى ، فتجد كتبآ متخصصة تم تسميتها"المصـــاحب الأثـرى للـكتاب المـقدس"مثل كتاب"هارى توماس" (سالف الذكر) وتجد فى نهايته فهرسآ من هذا النوع ، تفوز فيه التوراة بنصيب غير قليل . 
فأين هى إدعاءات النقاد من كل هذه الأدلة الدامغة والملموسة التى ترجع لعهد سابق للسبى فى كتابتها !!؟؟.
ويعوزنا الوقت - وليس هذا مجالنا - إذا تحدثنا عن "مخطوطات نجع حــــمادى" وغـيرها وغيرها
فقط نقول لو سكتت الألسنة التى تدافع عن الحق الإلهى فإن فى باطن الأرض من يشــهد له والحجارة تتكلم

 
الخاتمة
وللنقد فوائد

يعلمنا الرب يسوع المسيح فى الإنجيل حسب البشير متى فى أصحاحه الســــادس عشر الأعداد من الثالث عشر حتى السابع عشر نجده يقول:
وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً:"مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَــــــا ابْــــــنُ الإِنْسَانِ؟" فَقَالُوا:"قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ". 
قَالَ لَهُمْ:"وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟"فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ:"أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْـــــــــــنُ اللهِ الْحَيِّ!". فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِـــي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
وبذلك كان المسيح أول من يهتم بأن يجعل تلاميذه على دراية كاملة بآراء النقاد والمقاومــــــين بل برأى البسطاء من الناس ، مثل أولئك الذين اعتقدوا أنه يوحنا المعمدان وقد بُعث من قبره من جديد ، أو غيره من الأنبياء القدامى.
وحذرنا من أن يمتدحنا الجميع بلا إستثناء ، فقال "فويل لكم إن قال جميع الناس فيكم حسنآ" ، لأن الناس لا تجتمع إلا حول من يُرضى كل الأذواق (أى) المُداهن الذى يتخذ من اللباقة والتلون غِــطاءً له .
وعلى المستوى المتحفظ فى المسيحية ، توجد فئة لا ترضى عن سماع فكر النقاد أو قراءة أفكارهم التى كتبوها ، ربما لتصورهم أن الطهارة والنقاء الفكرى يستلزم منا أن نبتعد عن سماع الأقـاويل ، والبعض من هؤلاء يتطرف أكثر فيصف أولئك بالإلحاد ويشعر بالهدوء وهو يصفهم بهذه الصـفات ،  فهذا حَسبُهُ وعليه أن يتبع ما توارثه من فكر كما هو ، دون أن يسمح لطاقات عقله أن تتــــــفتح ليرى كل شىء ،
فهو غير قادر على تغيير نهج تفكيره من القناعة بالتبعية الفكرية ، إلى القــــناعة المبنية على الإختيار الواعى ، فمثل هذا يأخذ معظم شئون حياته بعيدآ عن الروية والتبصر ، وأغلب الظن أن هؤلاء يكونون من الغير قادرين على إدراك الفار ق بين الإنتقاد والنقد ، فالإنــتقاد يعنى التلكؤ والتصيد للأخطاء بواسطة شخصية تناصب كاتب الكتاب العداء ، بينما النقد هو دراسة فنية أدبية وعلم قائم بذاته .
والباحث فى دراسة الكتاب المقدس يرى الكثير من الفائدة فى آراء النقاد ، فبعضهم كان نقده بسبب توغله فى دراسات لم تكن فى خاطر الدارس أو حاضرة فى ذهنه.
ودائمآ ننصح أبنائنا الدارسين أن يدرسوا النقد للنص مع دراسته لغويآ وفنيآ ، لأن مثــــــــــــل هذه الدراسة تساعدهم ليس فقط على الإلمام بالفكر المغاير للأفكار المعهودة ، ولكن لمعرفة منطلــــقات للبحث عند هؤلاء ، حتى يتوغلوا في دراستها ليكون لديهم إستعداد أكثر جودة لدراســــــــــة النص ومعرفته .

والرسول بطرس يعلمنا فى رسالته الأولى الأصحاح الثالث والعددين الخامس عشر والسادس عشر  بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَـــــــاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ، وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِحٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَســِيحِ، يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ. 
فهذه هى الروح التى يجب أن نتحلى بها ونحن نواجه النقد ، ويجب أن يكون لدينا إستعــــــــــــــداد للمجاوبة وليس عن طريق الجدل المندفع الذى ينهانا عنه الكتاب تحت اسم المباحثات الغبية، حيث يقول عنها الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس فى الرسالة الثانية الأصحاح الثانى العدد ٢٣  ،٢٤  :
وَالْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ وَالسَّخِيفَةُ اجْتَنِبْهَا، عَالِمًا أَنَّهَا تُوَلِّدُ خُصُومَاتٍ،وَعَبْدُ الرَّبِّ لاَ يَجِبُ أَنْ يُخَاصِمَ، بَلْ يَكُونُ مُتَرَفِّقًا بِالْجَمِيعِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ، صَبُورًا عَلَى الْمَشَقَّاتِ.
لقد أسدت المقاومة لفكر الله ولكلمته فضلآ فى إنتشار كلمة الله والإيمان بها ، أكثر مما قدمــــــــــته الكرازة المباشرة ، وأقول مع "أوريجانوس": "إنَّ الكنيسة قد رُوِيَت بدماء الشهداء" .
إن الباحث بما تأهل له ، عليه رسالة لتبصير غيره ، وتمكينهم
من فهم الكلمة المقدسة ، من خــلال الوسائل والأدوات التى تزيد أو ترفع من  قدراته لتفهمها فيتمكن من ممارسة الفكر المسيحى عـلى نحو أفضل ، وبأداء يرقى بالكلمة بعيدآ عن كل حملات التشكيك ، وهذه الحملات مستمرة فى العـالم - شئنا أم أبينا -  منذ بداية محاولات الحية لتشكيك حواء وآدم فى كلمة الله ، فلا داعى لدفـن الرؤوس فى الرمال كالنعام فليس هناك ما نخشى منه على ثبات وثبوت صدق كتابنا .
ويحلو لدارس النقد أن يطالع كيفية رد النقاد على بعضهم البعض ، فالخطأ يظل خطأ لا يـمكن أن يتبرر مهما طال الزمان ، والرحلة مع النقاد نرى فيها كيف ينتقد النقاد مسألة ما ، ثم لا يلبث
التطور الفكرى  أن تتقدم أدواته فيؤهل الناس لإكتشاف بطلان أفكارهم ، فتنبرى فئة أخـرى من النقاد تعيب على كلام الفئة الأولى خطأها ، بيد أنها تقع فى خطأ جديد ، وهكذا إلى ما لا نـهاية ومع كل فريق نستمتع برده على خطأ الآخر ، فيرفع من معارفنا ، ويزودنا بنـطاقات أخرى فى العلوم التى تخصصوا فيها ، ومدى فائدتها للفهم الأفضل للكلمة ..
د.ق.جوزيف المنشاوى
---------------------------
*٢٠٦ Biblical Archaeology *٢٠٧  F.G.Kenyon, Our Bible and the Ancient Manuscripts
 *٢٠٨      Harry Thomas Frank , An Archeological Companion to the Bible., 1972 , pp 26 -29 "  
*٢٠٩     Howard Carter
*٢١٠      
Lord Carnarvon
*٢١١      
Leonard Woolley   
*٢١٢     W.F. Albright , " History , Archeology and Christian Humanism *٢١٣     Gressmann
*٢١٤     
CCLIX
*٢١٥     
Attorientalisch Bilder zum Alten Testament , 1926*٢١٦     W.J. Martin , Dead Sea Scroll of Isaiah , 1954 p 18 "
*٢١٧    
Texts of Nuzi & Mary
* ٢١٨     
W.J. Martin , Dead Sea SWcroll of Isaiah , 1954 p 18 "
*٢١٩    
A Phenomenal Discovery *٢٢٠    Miller Burrows
*٢٢١    
E. L Sukenik
*٢٢٢     Ta'amireh 


أهم المراجع التى إستخدمها الباحث بالإضافة لتلك التى ذكرها فى الملاحظات التى فى أسفل الصفحات

١ - الكتاب المقدس باللغة العربية ترجمة الفانديك
٣ -
תורה ונביאים וכתובים الكتاب المقدس العهد القديم فى لغته الأصليه
٣  -"The Original Greek New Testament " by Westcott and Hort.
٤ - Davidson.," The Analytical Hebrew &Chaldee Lexicon".
٥ - N.H.Snaith,"Hymns of the temple".

٦ - F.B. Kidner.,"Genesis", TDTCp16
٧ - J.P,Migne,"PG,LXCIV".
٨ -J.P. Migne ,"PG, LXXXIX".
٩ -C.A.Simpson.,"The Early Traditions of Israel., a Critical Analysis of the Pre- Deuteronomic Narrative of Hexateuch",1948.
١٠ -E. W. Hengstenberg.,"Dissertations on the  Genuineness of the Pentateuch".
١١ -W. H. Green.," The Higher Criticism of the Pentateuch".
١٢ -James Or.,"The Problem of the Pentateuch". 

١٣ -R.D.Wilson ,"A Sientific Investigation of the O . T" , 1959. 
١٤ -G. Ch. Alders ,"A Short Introduction to the Pentateuch",1949.
١٥ - O. T Allis "The Five Books of Moses", 1943.

١٦ -E.J.Young, "Introduction to the Old Testament", 1949.
١٧ -J. K. Skinner.,"The Divine Names in Genesis", 1914.

١٨ -C.H.Gordon ," Christianity today" , 23, Nov.,1959.
١٩ -I. Engnell " Galma Testament I",1945.
٢٠ -W.J.Martin ,"Stylistic Criteria",1955.  
٢١ -.Muilenburg ,"A Study in Hebrew Rhetoric"," Repetation and Style in Supplements to the NewTestament".

٢٢ -J. Pedersen.," Israel, I , II", 1926.

٢٣ - P.J.Wiseman.,"The New Discovery in Babylonia about Genesis",1930.
٢٤ -E. Robertson,"The Old Testament Problems".
٢٥ -R.Brinker.,"The Influence of Sanctuaries".  
٢٦ -E. Dornseiff "ZAW.LII-LIII",1934. 
٢٧ -J.Pedersen.,"ZAW.XLIX".
٢٨ -F.G.Kenyon,"Our Bible and the Ancient Manuscripts".
٢٩ -Harry Thomas Frank,"An Archeological Companion to the Bible"., 1972 ,
٣٠ -W.F. Albright," History , Archeology and Christian Humanism".

٣١ -W.J. Martin ,"Dead Sea Scroll of Isaiah", 1954.
٣٢ -J.D.Douglas,"The New Bible Dictionary".,Inter-Versity Press,1976.
٣٣ -A.R.Fausset.,"Fausset;s Bible Dictionary", Zondervan, 1977.
٣٤ -T.S.Green.," Greek&English Lexicon To The New Testament",1976.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق