الخميس، 17 ديسمبر 2009

الفصل الثالث : مدخل لنقد الكاتب وكتابته



الفصل الثالث
مدخل لنقد الكاتب وكتابته
بين النقـــد والإنتقـــــاد


الصورة هى لكهوف وادى قمران حيث عثر على العديد من مخطوطات العهد القديم .

يختلف النقاد للتوراة بعضهم عن بعض معرفيآ ( إبستومولوجيآ ) مما يؤدى لإختلافهم بعضهم عن بعض فى الأسباب التى دعتهم يمارسون النقد للتوراة ، وطريقة تفكيرهم وخلفيتهم الثقافية ، وكذلك فى الأهداف التى يتوقون للوصول إليها من وراء ممارسة النقد.
وهم ينقسمون فى الواقع إلى نوعين من النقاد:
النوع الأول: الشائع وهم المنتقدون وليسوا من النقاد
وهذا النوع يتميز بالمعرفة السطحية التى أساسها التلقين ، فغالبــــــــيتهم من بين المرددين لحجج سمعوها من غيرهم ، وفى الغالب تكون معظم معارفهم الأخرى والغير الخاصــــــة بالتوراة ، مبنية على الحفظ والتلقين ويمارسون نقدهم لأسباب سيكولوجية خاصة بهم مثل الكراهـــــــية والبغضاء للآخر أوالرغبة فى الإستئثار بالريادة فى الفكر أوالسعى لنصرة معتقداتهم ، التى يدركـــون ضعفها  ، ويحاولون تقويتها ، بإستخدام مسلك ملتوى مبنى على محاولة التوصل لإضعاف كافة الآراء التى لا تتفق مع فكرهم هذا ، والتى يشعرون بمنافستها لفكرهم ، أو تعارضها معه ، أوالرغــــــــــبة فى الظهور بمظهر العارفين سعيآ لإحترام الذات ، أو لونآ من ألوان النرجسية المريضة ، ومن خـــلال ترديدهم لمقولات غيرهم ، يتناسون (سواء بالرغم من وجود المعرفة أو بسبب الجهل) أن مثل هذه الحجج قد عفا عليها الزمان بطول ترديدها ، وتم الرد عليها ولكنهم يغمضون أعينهم عن ذلك.
فقد حفظ المؤمنون بالتوراة تلك الحجج على مدار خمسة وعشرون قرنآ خلت ، وصار لديهم حججآ قلما أظهروها مع أنهم يحفظونها ، بل درسوها بشكل كافِ من خلال دراسة تاريخ فكرهـــم ، لأنه لا يفوتهم تعبيرات هؤلاء التى تُفْضِحُ رغمآ عنهم كراهيتهم للآخر ، فيدركـــــــــــون أنه ما هو إلا باب للشجار والجدل العقيم.
النوع الثانى :هم علماء النقد وليس المنتقدون
وهؤلاء لا يتصايحون ولا يتحدثون بلهجة الجاحد للدين ، وإنما أغلبهم من العلــماء ، الذين وجدوا فى العلوم التى يدرسونها أويقومون بتدريسها وقد وقَّرَت فى عقولهم وأفئدتهم محتوياتها، التى قد تُحرك لديهم الرغبة فى تطبيق مناهج بحثهم على التوراة  (وبالرغم من أن هذا الــــتوجه مرفوض فما يصدق على الكتب الأدبية من أصول للنقد الفنى  لا يصح تطبيقه على الكتاب) ولكنه قد يحدث ، بل لقد حدث كثيرآ بالفعل ، أن يتدخل واحد من هؤلاء لنقد شىء فى التوراة بناء على ما اســـــــتقر ووصل إليه العلم فى زمانه ، فقد كان منهم علماء فى التاريخ ، وفى علوم اللغات القديـــــمة ، وفى الأدب القديم ، وفى الآثار  إلى آخر هذه القائمة.
فقد بنى "ﭭيلهاوزن" حوالى عام ١٨٧٠م مثلآ نقده عندما أنكر على موسى (الذى عـــــاش حوالى عام ١٤٦٠ ق م) عندما نفى إمكانية كتابة التوراة على يديه على أســـــــــــــاس أن اللغة العبرانية المكتوبة لم تبدأ إلا بعد عصر السبى أى بعد ٥٨٦ ق م وقد صفق له العلــــماء فى ذلك الوقت ، لأن هذا الدليل الذى برهن به على نظريته كان علميآ وصحيحآ وكانوا يُدَّرِّسونَهُ فى الجامعات هكذا.
ولكن من سمات العلوم الوضعية التغير ، فالصدق فيها صدقآ نسبيآ ، فهو صدقً مرتبطً بالمقدمات التى تكون متوفرة أمام العالم أثناء بحثه أو دراسته .
 فما كان بعد أن تطور العصر وظهرت وسائل تحديد عمر الأثار والمخطوطات كاربـــون ١٤ المشع مثلآ وتطورت أجهزة الموجات الصوتيه والتى من خلالها تمكن العلماء من البــحث على المزيد من الآثار بسرعة أكبر وبدقة أكثر ،كما قدمت الكثير من العلوم الطبيعية إسهاماتها فى هذا المـجال مثل علوم الكيمياء والفيزياء وغيرها ، بالإضافة للعلوم الإنسانية ودراسة أسس الفنون والنــــــــــــحت والفولكلور وعلم الإجتماع وغيرها ، بل كانت زيادة كمية الآثار والتوصل إلى بعضـــــها حتى تمكن  الباحثون من تصحيح بعض أحداث التاريخ التى كانت مبنية على مجرد الفـــــروض العلمية التى تم وضعها وفق المصادر التاريخية من الآثار وكانت متوفرة فى زمان ولهاوزن ومــا قبله ، مما ترتب عليه إكتشاف مراحل تطور اللغة العبرانية وأن مرحلة السبى إنما كانت آخر المراحــل التى تطورت فيها شكل حروف الكتابة ولكن سبقتها مراحل ومراحل حتى إن لدى الأثريون آثار مــــكتوبة بالخط البروتو كنعانى الذى إستخدم للكتابة العبرانية قبل القرن العشرين قبل الميلاد ، وبالطبـــع قبل الخط الكلدانى الذى كان ولهاوزن لم يتوصل إلى ما قبله من خطوط كالسلوامى وغيره .
وهنا نقول : لقد كان ﭭيلهاوزن مُحِقآ فى تصوره ، تِبعآ لما تعارف عليه علم التــــــــاريخ فى أيامه ، وخصوصآ إذا كانت النظرية الداروينية التى تحدثت عن التطور جعلته يلقى بهذا الإنمـــــــــــــــوذج الداروينى على التوراة ، وكانت تُشَكِّلُ خلفية ثقافية مؤثِرة على بحثه ، ولا سيما فى موطــنه ألمانيا ، فيتصور تعدد مراحل التطور فى محتويات التوراة مع أن كلها كان إفتراضآ يرسله دون دلــــــيل ، اللهم إلا تأخُر الكتابة بالعبرانية  ، ولو كان يعيش هذا العالم فى أيامنا الحالية لكان فكــــــره لا يُنتِجُ مثل هذه النظرية أصلآ من أساسها .
لقد كان بينه وبين هذا الإكتشاف الذى تم فى بلادنا "مصر" فى بدايات القرن العشــــــرين أكثر من نصف قرن من الزمان ، لتصحيح تلك المعلومة بخصوص الكتابات التى كانت موجودة لــــدى الأمم من سكان منطقة فلسطسن وسورية ولبنان الحالية ، فيما يُعرَف بإسم خطابات تل العمـــــــــــارنة ، بالإضافة للمزيد من القطع الفخارية المحفور عليها كلمات بهذه الخطوط القديمة والتى تم العــــثور عليها فى مناطق الشام بعد هذا الزمن بفترة كافية ، مع أنها تشير لزمان كتابتها الأكثر قِدَمــــــآ من خطابات تل العمارنة ، ولا زالت الأبحاث تعطينا المزيد ، لتصحيح تلك المعلومة التى اســـــتند إليها علماء التاريخ فى زمان ﭭيلهاوزن.
وهذا النوع من النقاد هو الجدير بالإحترام والمناقشة ، فأفكارهم تلك هى التى دفعت الباحــــــــــثين لأبحاثهم للتأكد علميآ من صدق أو زيف فروضهم الذين تصوروا أنها إكتملت كنظريات. 


-

الصورة لخيمة الأجتماع بحسب وصف التوراة لها. )

من النوع الأول
من يتظاهرون بالمعرفة
ولكنهم ينقدون الحقيقة بلوى ذراع النصوص
  مثال من بين رجال الدين اليهودى والمفترض أن يكونوا من أشد الذين يؤمنون بالتوراة
يرى الرب يسوع المسيح أنه علينا ألا نضع وصايا الله المكتوبة والمدونة فى الشــــــــــريعة أى التوراة جنبآ إلى جنب ، على قدم المساواة مع الشرائع الوضعية التى كتبها البشر مثل تقليد اليهود الذى كتبوه فى مرحلة لاحقة بعد الوحى وكان كلامه هذا فى مرقس٧ :٩-١٣ 
 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ:«حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ! لأَنَّ مُوســـــَى قَالَ: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمُ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنْ قَالَ إِنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمّـــــِهِ: قُرْبَانٌ، أَيْ هَدِيَّةٌ، هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي فَلاَ تَدَعُونَهُ فِي مَا بَعْدُ يَفْعَلُ شَيْئًا لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ مُبْطِلِينَ كَــــــلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ .
فلقد كان فى التوراة الموحى بها من الله تلـــــــك الوصية التى جوهرها المحبة والولاء والإحترام ، ولكن تفسيرهم لها وتقليدهم الذى وضعوه عندمــا قام بالتعليق والشرح  لهذا الموضوع أفرغه من محتوياته الهامة التى قصدها الله.

 فبدلآ من وجوب المحبة والولاء والإحــــترام صار الإبن فى حِلٍّ من كل ذلك ، فصرح له بالتغاضى عن كل ما فى هذه الوصية مادام قد قرر مــــنح والديه هدية مقابل ما تعبوا فيه لأجل تنشئته وبذلك صارت الوالدية والبنوية مجرد علاقة أساسها المنفعة ، وأجر نظير خدمة تم تقديمــــــها وهذه هى وجهة النظر التى نحتاج أن نُرَّكز عليها عند بداية دراستنا لنسبة التوراة لكاتبها .
مثل آخر لبعض أدعياء العلم من غير المتخصصين 
فقد زعم النقاد أن أى شخص يرغب فى الدراسة الجادة للتوراة فعليه ألا يبدأ بمقولة أن الحــــوادث التاريخية المذكورة فيه ، هى أحداث صحيحة وحقيقية ، بمعنى أنه يجب من وجهة نظرهم ألا تــبدأ بالإيمان ، بل بالشك .
والواقع أن ما افترضوا كونه مبدأ يقى الباحث من الوقوع فى خطر التردى والإنـــــــصياع للأحكام القَبليَة (من كلمة قبل وليس قبيلة) المسبقة ، كان السبيل للوقوع فى نفس الخطر ، فما يفـترضونه من شك ما هو إلا حكم قبلى مسبق يؤدى للتردى بعيدآ عن وجهة النظر العلمية المحايدة .
فأى عالم نزيه عندما يتّبع المنهج العلمى فهو لا يبدأ بالجهل المطلق ولكنه يجب أن تكــــــــون لديه معرفة مؤكدة لقواعد العلم تعينه على التوصل لنتائج ملموسة على الأرض ، وإلا فإنهم يفتـــرضون على باحث الكيمياء مثلآ أنَّه لكى يُثبت نزاهة بحثه ، فعليه الدخول إلى معمله ويتصور أنه يـــــجهل المبادىء الأولية ، أو يتصنع الجهل بكل قواعد علم الكيمياء فيدخل إلى معمله لإجراء التجارب التى قد تكون كارثة محققة تحل به أو بمعمله بسبب التصرفات غير المسئولة أو المحسوبة التى قام بها بدعوى أنه يجب أن يبدأ بالجهل .
والتوراة هى تلك القواعد التى يجب البدء بفهمها وإستيعابها حتى يتمكن من خلال فحــصها وبحثها ودراستها من التوصل إلى تلك الجوانب المجهولة والمختفية والتى لم يكن يعلمها من خــــــــــــلال دراسته لها.
والذى يمكن إخضاعه للبحث ، ليس هو الكلام المكتوب الذى تسلمناه وشـــــــــــــهدت الآثار حتى ، بوجوده
القديم الذى يعود لزمان كتابة هؤلاء الكتبة المُلهَمون لكتبهم ، ولكن الذى يـــــخضع للبحث هو مدى فهمنا وتفسيرنا لهذاالكلام ، فقد نُصيب فى فهمنا أى تكون نتائج أبحاثنا صحيـــــحة  أو قد نخطىء وما نحن سوى بشر فالقاعدة العلمية الصحيحة هى أن نبدأ من المعلوم لكى نتــــعرف على المجهول وليس العكس ، فالجهل لايولد ولا ينشىء العلم.
وهناك مبدأين أساسيين للرد على هؤلاء : 
أولآ : إن الحوداث التاريخية الواردة فى التوراة لم يذكرها الله لكى تكون تاريخآ مجردآ .
ولكنها أحداث منتقاة بواسطته ضمن العديد من الأحداث الحقيقية والصحيحة بقــــــــــصد أن تؤهل المؤمن ليكون كما قال فى تيموثاوس الثانية الأصحاح الثالث والعدد السادس "كُلُّ الْكِـــــــــتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ،لِكَيْ يَكُونَ إِنْســـــــَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ" ومعنى هذا أن الأسلوب والمحتوى الموجود فى الوحى قد تــــــــــم تصميمه تصميمآ مُحكَمآ حتى يؤهل الإنسان إلى هذا المستوى فأى إضافة له أو أى تجاهل لبعـــض قواعده يجعل بحثنا يخطىء الهدف المنشود فى المعرفة المتكاملة .
ثانيآ : إن الوصف العقيدى بأن الكتاب هو موحى به من الله يعنى أن ألفاظه يجـــــــــب أن تكون فى صورتها الأصلية التى تكلم بها النبى الملهم حتى يستطيع الإنسان من فهم معانيها وأهــــدافها على نحو متقن فهى موحاة من عند الله .
أما الترجمات فهى مجرد إعلان مكتوب تزداد مصداقيته بمدى قربه من المعانى والمــدلولات التى تشير إليها الكلمة التى أوحى الله بها لنبيه موسى ، وأن قواعد نقد كتابات البشر الأدبية لا يمكن أن ترقى لكى يتم تطبيقها على كلام الله ومعنى ذلك :
١-يجب ألا نعتبر ما جاء به التقليد معادلآ للوحى فى أهميته بل هو خاضع للنقد مـــــــثله مثل سائر كتابات البشر
٢-أن ما ورد فى التوراة فى لغتها الأصلية هى صدق فى ذاته لا يقبل الجدل ، وأن دور الناقد النزيه يكون محصورآ فى تقييم المعانى المترتبة على هذا النص ليختار ببحثه أقربها للنص فى لـــــــــغته الأصلية.
٣-لا تنطبق معايير وقواعد النقد البشرى للأداب الإنسانية على كلام الله

النقد بواسطة العلماء النوع الثانى من النقد وهو النقد الذى له هدف أكاديمى دراسى 
أما حديث النقاد عن الكاتب للتوراة فهو مختلف ومتنوع يكاد يصل عدده إلى عدد النــــقاد أنفسهم ، فكل ناقد ينسب لموسى أجزاء لم ينسبها له الناقد الآخر ، ومنهم من أنكر مطلقآ كتابة موســى لها ، وحتى هؤلاء لم يسلموا من الإختلاف فقد نسبها كل واحد منهم إلى مصادر مختلفة عما يكون غيره قد نسبها إليه ، مع أن هناك العديد من الأدلة على كتابة موسى للتوراة من خلال إســــــــترساله فى الحديث بوصفه الكاتب لهذه الكلمات من أول سفر الخروج حتى نهاية سفر التثــــــــنية أثناء قيادته للشعب فهو يقوم بتسجيل حوادث عايشها ويتحدث عن تفاصيلها التى ألهمه الله بكــــــتابتها كمعاين لها، وهو الشخص الوحيد الذى أعلن له الله ( يهوة ) لذاته  وكان كتاب التكوين ســابقآ فى الترتيب على الخروج لكى يعطى القارىء فكرة عن الخلفية التاريخية اللازمة لفهم مواد التوراة .
وسواء كانت مواد التوراة تعلّمَها موسى من كتابات سابقة عليه ، أى كانت علومه التى تعلمها مِن ذى قبل ذات فائدة له فى كتاباته بحيث استخدمها الوحى بتصحيحها أو إثبات صدق بعضها ، أو مِن كلام أوحى إليه مباشرة لم يكن له سابق علم به ، فقد كان كل كلام التوراة مختارآ ومُنتَقى بواسطة الوحى ليكون توراة أول أساس للوحى المكتوب فى تاريخ البشرية ، فلقد أشار كافة كتبة الوحــــى من بعده للتوراة بوصفها مكتوبة بواسطة موسى وكذلك قام بتعريفها الأقدمون .
ويخرج علينا من يتصور وجود سكرتارية تتبع موسى لكى تقوم بالتسجيل فى التوراة بواســــــــطة أقلامهم وليس بواسطة موسى نفسه ، ويتصورون أن هؤلاء كانوا من بين مساعديه من الأســـباط مثل يشوع بن نون ويتمسكون بذكره لحادثة وفاته فى نهاية سفر التثنية ، ويطبقون المـــــــــــنطق البشرى فى إستحالة ذكر الإنسان العادى لأحداث تأتى بعد وفاته ، منكرين فى ذلك دور النــــــــــبوة كعنصر كاشف لما سيأتى فى المستقبل سواء القريب أو البعيد ، مع أنهم يقبلون فى نفـــــس الوقت تصديق أحداث حدثت لبشر عاديين تحدثوا عما سيحدث بعد وفاتهم وصدقت إرهاصــــــــــاتهم فهل الإرهاص والحدس ممكن للرجل العادى أو حتى الموهوب ولكنه غير مــــــــتاح للنبى؟؟؟ ، إنه نقد متحيز ضد النبى وكتابته ، وليس مستبعدآ أن يسجل هذه الحادثة ليختتم بها كتـــــــــاب التثنية آخر الأسفار ، حيث قد أوحى له هذا الأمر بصورة مباشرة من الله ، كما إعترف فى متن الوحـى بأن الله قد أوحى إليه بذلك الأمر ، إن هناك نصوصآ تشهد بأن موسى قام بكتابة التوراة بخط يده مذكــورة فى التوراة ذاتها
مثلآ
خروج ١٧ :١٤  فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اكْتُبْ هذَا تَذْكَارًا فِي الْكِتَابِ، وَضَعْهُ فِي مَسَامِعِ يَشُوعَ. فَإِنِّي سَوْفَ أَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ
خروج ٢٤ : ٤فَكَتَبَ مُوسَى جَمِيعَ أَقْوَالِ الرَّبِّ. وَبَكَّرَ فِي الصَّبَاحِ وَبَنَى مَذْبَحًا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ، وَاثْنَيْ عَشَرَ عَمُودًا لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ.
سفر العدد ٣٣ : ٢ 

وَكَتَبَ مُوسَى مَخَارِجَهُمْ بِرِحْلاَتِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. وَهذِهِ رِحْلاَتُهُمْ بِمَخَارِجِهِمْ
تثنية ٣١ : ٩ 
وَكَتَبَ مُوسَى هذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ بَنِي لاَوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ، وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ
تثنية ٣١ : ٢٢
فَكَتَبَ مُوسَى هذَا النَّشِيدَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَعَلَّمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِيَّاهُ.
تثنية ٣١: ٢٤
فَعِنْدَمَا كَمَّلَ مُوسَى كِتَابَةَ كَلِمَاتِ هذِهِ التَّوْرَاةِ فِي كِتَابٍ إِلَى تَمَامِهَا
لكن من يعارضون فى صدق هذه المسألة يقولون أن هناك إسمآ لإحدى المدن  لم يــــــــكن لهذا الإســـــــــم وجود فى عصر موسى لأنه أُطلِقَ عليها فى عصر القضاة اللاحقين لموسى وهى مدينة "دان" التى ورد اسمها فى التوراة فى تكوين ١٤ : ١٤  . 
فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ، أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ، وِلْدَانَ بَيْتِهِ، ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَــــــــانِيَةَ عَشَرَ، وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ.
وهى تسمت بهذا الإسم كتسمية جديدة لها فى قضاة ١٨ : ٢٩ .
وَدَعَوْا اسْمَ الْمَدِينَةِ «دَانَ» بِاسْمِ دَانٍ أَبِيهِمِ الَّذِي وُلِدَ لإِسْرَائِيلَ. وَلكِنَّ اسْمَ الْمَدِيـنَةِ أَوَّلاً «لاَيِشُ»
ويشوع ١٩ : ٤٧ 
وَخَرَجَ تُخُمُ بَنِي دَانَ مِنْهُمْ وَصَعِدَ بَنُو دَانَ، وَحَارَبُوا لَشَمَ وَأَخَذُوهَا وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ وَمَلَكُوهَا وَسَكَنُوهَا، وَدَعَوْا لَشَمَ دَانَ، كَاسْمِ دَانَ أَبِيهِمْ
كذلك من بين الذين يذكرهم فى سفر التكوين كملوك للأدوميين بوصفهم ملكوا عليهم قبل أن يكــون هناك ملكآ لإسرائيل ، وهذا الإجراء لإقامة ملك على بنى إسرائيل كان أمرآ مستهجنآ وغير مقبــولآ فى وقته حتى من الله ذاته ، فلا يُعقل - بحسب قول النقاد - أن يذكر التكوين على يد موســــــــــــــى وبواسطته تلك المعلومة فى زمانه المبكر .
ثم حديث سفر العدد عن موسى فى العدد ١٢ : ٣
 فَدُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَوْضِعِ «تَبْعِيرَةَ» لأَنَّ نَارَ الرَّبِّ اشْتَعَلَتْ فِيهِمْ.
مما تعكسه هذه النصوص أنها قد تمت كتابتها على يد شخص يقوم بوصف موسى ويتحدث عنه ويصفه .
ويأتينا "وينهام" فى كتابه تيندال بوليتين
*٤١ لكى يشكك فى ضخامة الأعداد المذكـورة فى التوراة فقد إستخدم المسئول عن هذا التعداد الذى فى سفر العدد الأصحاح الأول والأصحاح الســـــــــــادس والعشرين - من وجهة نظره -  بعض المصطلحات التى يمكن ترجمتها خطأ ، فتـــــــــــــخرج عنها إحصائيات غير دقيقة أو حقيقية مثلآ الكلمة التى تمت ترجمتها على أساس أن قراءة الأرقـــــــــــام المئات والألآف*٤٢ يمكن أن تتم قرائتها بطريقة أخرى .
وهو بذلك يحاول بطريقة ملتوية  فى القراءة بأن يختصر عدد هؤلاء إلى إثنين وسبـــــعون ألفآ ليكون المعدودون للحرب ثمانية عشر ألف رجل فقط  ويبدو أنه كان يجد رقم ستمائة ألـــــف وألف وسبعمائة رجل غير اللاويين والنساء والأطفال  ، هو رقم كبير من وجهة نظره لشعب بنى إسرائيل فى ذلك الوقت.
بينما يرى"ألدرز
*٤٣ " أنه يتشكك كذلك من تحديد زمان النص الوارد فى ســفر العدد ٢١ : ١٤ حتى ٣٢ : ٣٤ 
كذلك فإن الإحصاء الوارد فى الأصحاح السادس والعشرون لا يستــــــطيع تحديد الزمن الذى يشير إليه ، ويظن أن التوراة على مدار حوالى ألف عام تعرضت لعدة تنقيحات كانت لازمة من وجهة نظر الناقلين لكتابتها بحيث تكون مفهومة للقارىء فى عصرهم ومنها التصحيحات الخاصة بأسماء المدن والأشخاص وإضافة شىء لقوائم المواليد ويضرب مثلآ لذلك مما جاء فى تكوين ٣٦ : ٣١ 
وَهؤُلاَءِ هُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ مَلَكُوا فِي أَرْضِ أَدُومَ، قَبْلَمَا مَلَكَ مَلِكٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ
فهذا العدد فى رأيه يصف النص بعد تصحيحه وتنقيحه أيام الملوك ويدلل على نــظريته بما جاء فى هذا الشأن فى قضاة ١ : ٢١ 
وَبَنُو بَنْيَامِينَ لَمْ يَطْرُدُوا الْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، فَسَكَنَ الْيَبُوسِيُّونَ مَعَ بَنِي بَنْيَامِينَ فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
ويرى أن هذا النص يعود للسنة الخامسة لتولية داود الملك أو بعدها .
ويقف ألدرز موقفآ متشددآ تجاه سفر التثنية خصوصآ فيرى أنه لو إفترضــــــــنا أن الكاتب كان هو موسى فإنه سيكون منطقيآ لو كان يستخدم الضمير أنا أو نحن طوال السفر (ضمير المتكلم) ، لكـنه وبالرغم من أنه يفعل ذلك فى أجزاء كثيرة منه إلا أنّه فى مقدمة السفر وخاتمته يســـــــتخدم ضمير الغائب راجع تثنية ١ : ١ - ٥
هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ، فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، فِي الْبَرِّيَّةِ فِي الْعَــــــــرَبَةِ، قُبَالَةَ سُوفَ، بَيْنَ فَارَانَ وَتُوفَلَ وَلاَبَانَ وَحَضَيْرُوتَ وَذِي ذَهَبٍ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ حُورِيبَ عَلَى طَرِيقِ جَبَلِ سِعِيرَ إِلَى قَادَشَ بَرْنِيعَ فَفِي السَّنَةِ الأَرْبَعِينَ، فِي الشَّهْرِ الْحَادِي عَشَرَ فِي الأَوَّلِ مِنَ الشّــــــــَهْرِ، كَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَاهُ الرَّبُّ إِلَيْهِمْ بَعْدَ مَا ضَرَبَ سِيــــحُونَ مَلِكَ الأَمُورِيِّينَ السَّاكِنَ فِي حَشْبُونَ، وَعُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ السَّاكِنَ فِي عَشْتَارُوثَ فِي إِذْرَعِيفِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، فِي أَرْضِ مُوآبَ ، ابْتَدَأَ مُوسَى يَشْرَحُ هذِهِ الشَّرِيعَةَ قَائِلاً .
وكذلك تثنية ٣٤ : ١ – ١٢
وَصَعِدَ مُوسَى مِنْ عَرَبَاتِ مُوآبَ إِلَى جَبَلِ نَبُو، إِلَى رَأْسِ الْفِسْجَةِ الَّذِي قُبَالَةَ أَرِيحَا، فَأَرَاهُ الــــرَّبُّ جَمِيعَ الأَرْضِ مِنْ جِلْعَادَ إِلَى دَانَ وَجَمِيعَ نَفْتَالِي وَأَرْضَ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى، وَجَمِيعَ أَرْضِ يَهُـــــــوذَا إِلَى الْبَحْرِ الْغَرْبِيِّ وَالْجَنُوبَ وَالدَّائِرَةَ بُقْعَةَ أَرِيحَا مَدِينَةِ النَّخْلِ، إِلَى صُــــــــوغَرَ وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «هذِهِ هِيَ الأَرْضُ الَّتِي أَقْسَمْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ قَائِلاً: لِنَسْلِكَ أُعْطِيهَا. قَدْ أَرَيْتُكَ إِيَّاهَا بِعَيْنَيْكَ، وَلكِنَّكَ إِلَى هُنَاكَ لاَ تَعْبُرُ فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَـــوْلِ الرَّبِّ وَدَفَنَهُ فِي الْجِوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ إِلَى هذَا الْيَـــــــــوْم وَكَانَ مُوسَى ابْنَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ، وَلَمْ تَكِلَّ عَيْنُهُ وَلاَ ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ فَبَكَى بَنُو إِسْــــــرَائِيلَ مُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ ثَلاَثِينَ يَوْمًا. فَكَمُلَتْ أَيَّامُ بُكَاءِ مَنَاحَةِ مُوسَى ويَشُــــوعُ بْنُ نُونٍ كَانَ قَدِ امْتَلأَ رُوحَ حِكْمَةٍ، إِذْ وَضَعَ مُوسَى عَلَيْهِ يَدَيْهِ، فَسَمِعَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَعَمِلُوا كَمَا أَوْصَى الرَّبُّ مُوسَى وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى الَّذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهًا لِوَجْهٍ فِي جَمِيعِ الآيَاتِ وَالْعَجَائِبِ الَّتِي أَرْســـــــَلَهُ الرَّبُّ لِيَعْمَلَهَا فِي أَرْضِ مِصْرَ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ عَبِيدِهِ وَكُلِّ أَرْضِهِ وَفِي كُلِّ الْيَدِ الشَّدِيدَةِ وَكُلِّ الْمَــــــخَاوِفِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي صَنَعَهَا مُوسَى أَمَامَ أَعْيُنِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ.
فمقدمة السفر تحتوى على دلالة كبيرة وأكيدة - من وجهة نظره  -أن هذا النص قد تمت كتـابته فى عصر تالى للعصر الموسوى *٤٤ وهذا ظاهر فى الشواهد التالية تثنية ٢ : ١٠
الإِيمِيُّونَ سَكَنُوا فِيهَا قَبْلاً. شَعْبٌ كَبِيرٌ وَكَثِيرٌ وَطَوِيلٌ كَالْعَنَاقِيِّينَ وَفِي سِعِيرَ سَكَنَ قَبْلاً الْحُورِيُّونَ، فَطَرَدَهُمْ بَنُو عِيسُو وَأَبَادُوهُمْ مِنْ قُدَّامِهِمْ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ.
، تثنية ٢ : ١٢ 
وَفِي سِعِيرَ سَكَنَ قَبْلاً الْحُورِيُّونَ، فَطَرَدَهُمْ بَنُو عِيسُو وَأَبَادُوهُمْ مِنْ قُدَّامِهِمْ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ، كَمَا فَعَلَ إِسْرَائِيلُ بِأَرْضِ مِيرَاثِهِمِ الَّتِي أَعْطَاهُمُ الرَّبُّ.
، تثنية ٢ : ٢٠ – ٣٣
هِيَ أَيْضًا تُحْسَبُ أَرْضَ رَفَائِيِّينَ. سَكَنَ الرَّفَائِيُّونَ فِيهَا قَبْلاً، لكِنَّ الْعَمُّونِيِّينَ يَدْعُونَهُمْ زَمْزُمِيّــــــــــِينَ
شَعْبٌ كَبِيرٌ وَكَثِيرٌ وَطَوِيلٌ كَالْعَنَاقِيِّينَ، أَبَادَهُمُ الرَّبُّ مِنْ قُدَّامِهِمْ، فَطَرَدُوهُمْ وَسَكَنُوا مَكَانَهـــــُم كَمَا فَعَلَ لِبَنِي عِيسُو السَّاكِنِينَ فِي سِعِيرَ الَّذِينَ أَتْلَفَ الْحُورِيِّينَ مِنْ قُدَّامِهِمْ، فَطَرَدُوهُمْ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ إِلَى هذَا الْيَوْمِ وَالْعُوِّيُّونَ السَّاكِنُونَ فِي الْقُرَى إِلَى غَزَّةَ، أَبَادَهُمُ الْكَفْتُورِيُّونَ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ كَفْتُــورَ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ «قُومُوا ارْتَحِلُوا وَاعْبُرُوا وَادِيَ أَرْنُونَ. اُنْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ إِلَى يَدِكَ سِيحُونَ مَلِكَ حَشـــــــــــْبُونَ الأَمُورِيَّ وَأَرْضَهُ. ابْتَدِئْ تَمَلَّكْ وَأَثِرْ عَلَيْهِ حَرْبًا فِي هذَا الْيَوْمِ أَبْتَدِئُ أَجْعَلُ خَشْيَتَكَ وَخَوْفَكَ أَمَامَ وُجُوهِ الشُّعُوبِ تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ. الَّذِينَ يَسْمَعُونَ خَبَرَكَ يَرْتَعِدُونَ وَيَجْزَعُونَ أَمَامَكَ "فَأَرْسَــــــلْتُ رُسُلاً مِنْ بَرِّيَّةِ قَدِيمُوتَ إِلَى سِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ بِكَلاَمِ سَلاَمٍ قَائِلاً أَمُرُّ فِي أَرْضِكَ. أَســـْلُكُ الطَّرِيقَ الطَّرِيقَ، لاَ أَمِيلُ يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً طَعَامًا بِالْفِضَّةِ تَبِيعُنِي لآكُلَ، وَمَاءً بِالْفِضَّةِ تُعْطِينِي لأَشْرَبَ. أَمُرُّ بِرِجْــــــلَيَّ فَقَطْ كَمَا فَعَلَ بِي بَنُو عِيسُو السَّاكِنُونَ فِي سِعِيرَ، وَالْمُوآبِيُّونَ السَّاكِنُونَ فِي عَارَ، إِلَى أَنْ أَعْبــــــُرَ الأُرْدُنَّ  إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَانَا الرَّبُّ إِلهُنَا لكِنْ لَمْ يَشَأْ سِيحُونُ مَلِكُ حَشْبُونَ أَنْ يَدَعَنَا نَمــــُرَّ بِهِ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَسَّى رُوحَهُ، وَقَوَّى قَلْبَهُ لِكَيْ دْفَعَهُ إِلَى يَدِكَ كَمَا فِي هذَا الْيَوْمِ وَقَالَ الرَّبُّ لِي: اُنْظُرْ. قَدِ ابْتــَدَأْتُ أَدْفَعُ أَمَامَكَ سِيحُونَ وَأَرْضَهُ. ابْتَدِئْ تَمَلَّكْ حَتَّى تَمْتَلِكَ أَرْضَهُ فَخَرَجَ سِـيحُونُ لِلِقَائِنَا هُوَ وَجَمِيعُ قَوْمِهِ لِلْحَرْبِ إِلَى يَاهَصَ فَدَفَعَهُ الرَّبُّ إِلهُنَا أَمَامَنَا، فَضَرَبْنَاهُ وَبَنِيهِ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ.
تثنية ٣ :٩
وَالصَّيْدُونِيُّونَ يَدْعُونَ حَرْمُونَ سِرْيُونَ، وَالأَمُورِيُّونَ يَدْعُونَهُ سَنِيرَ
 
تثنية ٣ :  ١١ 
إِنَّ عُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ وَحْدَهُ بَقِيَ مِنْ بَقِيَّةِ الرَّفَائِيِّينَ. هُوَذَا سَرِيرُهُ سَرِيرٌ مِنْ حَدِيدٍ. أَلَيْسَ هُوَ فِي رَبَّــةِ بَنِي عَمُّونَ؟ طُولُهُ تِسْعُ أَذْرُعٍ، وَعَرْضُهُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ رَجُل.
تثنية ٤ : ٤٥ 
هذِهِ هِيَ الشَّهَادَاتُ وَالْفَرَائِضُ وَالأَحْكَامُ الَّتِي كَلَّمَ بِهَا مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ خُرُوجِــــــــهِمْ مِنْ
 مِصْرَ
 
، تثنية ٤ : ٤٩
وَكُلَّ الْعَرَبَةِ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ نَحْوَ الشُّرُوقِ إِلَى بَحْرِ الْعَرَبَةِ تَحْتَ سُفُوحِ الْفِسْجَةِ
بينما يرى السيد وينهام  أن الكاتب - من وحهة نظره - كان معاصرآ لموسى ويشوع ويكـــــتب عنهما فربما كان واحد من هؤلاء يكتب بناء على أمر من موسى أو يشوع ويسجل ذلك فى ســــفر التثنية.
ولكن الواقع والرد على كلِّ من الناقدين أنَّ كل أفكارهم رغم إرتكانها إلى نصوص وردت فـــعلآ فى التوراة ، لكن هذه النصوص يمكن أن يُفهَم مغزاها بطريقة أخرى غير التى ظنها ألدرز وويـــــنهام ،فمن الممكن أن يكتب الكاتب بعض النصوص فى كتابته بضمير الغائب وهى سمة موجودة فـــــــى الأدب العبرانى كما كتب داود مثلآ فى مزامير ١٣١  : ١  اُذْكُرْ يَا رَبُّ دَاوُدَ، كُلَّ ذُلِّهِ. كَيْــــــــفَ حَلَــفَ لِلرَّبِّ، نَذَرَ لِعَزِيزِ يَعْقُوبَ:، ولكن لنا تعقيب علمى على أقوالهم ، وهو أن آرائهم كانت وجِـــــــــــــلة مرتعشة خائقة ، لم تصل بعد إلى يقين ، وهو الظاهر من خلال تعبيراتهم التى على مثال (الكلـــــمة التى تكررت كثيرآ فى كتابتهم وهى :فربما) وإنتباههم الغير الطبيعى لمقاطع فى النص بضــــــــمير الغائب بالرغم من كونها متصلة ومرتبطة بباقى النص ترابطآ وثيقآ كوحدة أدبية واحـــــــــدة ، هذا الإقتطاع غير مقبول من الناحية المنطقية فى سياق إسلوب النص المتسق والمترابط والمنـــــطقى
ودعنا نحتكم لباقى النقاد الآخرين بخصوص هذه المسألة  مثلآ "كيدنر" فى كتابه سفر التكـــوين*
٤٥، فالواقع فإن سفر التثنية يُظهِرُ موسى كاتبآ للتوراة ورسولآ للتشريع الأخلاقى الفريـد ، تلك التوراة التى كتبها ، والتى تشهد فى محتوياتها بأنه هو كاتبها ، فلو لم يكن موسى هو الكاتـــب لها ، فإن الفرض البديل الذى ينتج عن هذا التصور ، هو أن يكون كاتبها له نفس المنزلة التى كانــــت لموسى ، ذلك الرجل الذى رأى مجد الله وتعامل معه كمافى تثنية ٣٤ :١٠
وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى الَّذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهًا لِوَجْهٍ
وقد كانت له كل حكمة المصريين التى تعلمها فى قصر فرعون ، وهو فى وسط شعب بســـيط جاهل ، لم يتعلم بعد هذه الحكمة ، فقد كان هو الذى يستطيع - دون غيره - من سائر الشعب أن يتـــــــبين
الصواب من الخطأ ، من جهة العقيدة ، فهو الرجل الذى أوحىَ الوحى له ، لذلك لم يكن بين الشـعب - آنذاك - من كان له سلطان لكتابة كتاب عقائدى على هذا النحو ، بل إنَّ هذا الكتاب هو الأســــاس العقيدى للكتاب المقدس كله.
وها هوذا العالم المقتدر سيل *٤٦ عندما قام بترجمة سفر التكوين ترجمة أكاديمية دراســـــــية إلى اللغة العربية فوجد هناك أمورآ بديعة خلابة ، فإذا به يرى هذا السفر وقد بدا أمامه ، كـــــما لو كان كتاب العصر بالنسبة لتلك الآونة من الزمان ، فقد وجد فيه الكثير من التعبيرات العربيـــة والآكادية والآرامية والمصرية الفرعونية ، فكانت تعبيراته تناسب المجتمع البدوى والمصــــــرى الفرعونى والكنعانى بالإضافة للشعب الإسرائيلى.
فقد كان شعب بنى إسرائيل بعد رحلات الآباء ساكنآ غريبآ مُستَعبَدآ فى أرض مصر ، ثم إنـــــتقل بعد ذلك إلى كنعان حيث لغة آرام والعرب المرتحلين البدو ، فمن ياتُرى يمكن أن يكون كاتبـه هذا ؟
من هو هذا الكاتب الضليع فى العلوم العصرية التى تنتمى للطبـقة الأرستقراطـــــية عالــــــية الثـــقافة والمعـــــرفة والديبلوماسية بين هذا الشعب فى ذلك الحين ؟.
إن سفر التكوين يعبر عن الإعلان الإلهى لموسى بخصوص الزمن التاريخى الذى إنقــــــــضى قبل عصره ، أما سفر اللاويين فهو كتاب لازم للكهنة لأنه يختص بإجراءاتهم الطقســــية ومراســيمهم الدينية ، أما سفر التثنية فهو يعبر عن الشريعة المعادة المؤكِدة والمطوِرة للتى قــــبلها ، فهــــــذه الكتب ، يشّكِلُ كل واحد منها وحدة متناسقة فى الأسلوب المترابط ، وفى إسترســـــال السياق ، أما بخصوص سفرى الخروج والعدد فهما يعكسان صورة لكاتب يجمع ما بين التاريخ والشريــــــــــعة بطريقة غير منتظمة أحيانآ فى سرد الأفكار وتسلسل الأسلوب ، وبالرغم من ذلك فهى كــــــــــــتب تعطينا صورة للكاتب الذى سجل ما كان يُوحِى الوحىُ إليه به دون تنسيق مُسبَق لهذه الأحـــــــداث المعاصرة لكتابته .
إن التوراة هى كتاب الشريعة الذى شهد رب المجد بنفسه لنسبها لموسى وهذه الشـــــــــــهادة هى
الشهادة المؤكّدة ، بل هى البرهان الأكيد ، وسيد الأدلة وسط سائر الدلائل والبراهين ، فما من شك فى علم المسيح بشأن الوحى ذاته فهو أعلم من كل العلماء به ، وهو أكثرهم قدرة على الدقـــة فى تحديد  نسب الوحى لمن أوحى الله إليه به لأنه هو صاحب الوحى ذاته. 
ولعلنا نرى موسى ، ذلك الرجل الذى ترك بصمة لا تُمحَى فى سجلات التاريخ الأدبى والأخــلاقى والدينى بكتابته للوحى الذى تلقاه من ربه فى صورة كتاب الشريعة أو التوراة ، مما دعـــــا ثُقَاةَ الرواة من أنبياء ومرسلين يسمون هذا الكتاب ب "كتب موسى" أو "كتاب موسى" أو "ســفر شريعة موسى" أو "موسى" فقط للدلالة على صحة نسبة الكتاب إليه فهو صاحب القلم الرفيع الذى أنجز هذا العمل الضخم البديع المُتقَن ، إنه قلم موسى فى يد الوحى الإلهى .
د.ق. جوزيف المنشاوى .
------------------- 

 *٤١.W. Wenham ," Tyndle Bullitin
*٤٢ מֵאוֹת אֶלֶף, וָאָלֶף 
*٤٣ G.C. Aalders ٤٤ Post - Mosaic
  *٤٥   F.B. Kidner "Genesis, TDTCp16 
*٤٦    M.S .Seale        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق